حديث بمناسبة العمرة من مسجد الجعرانة إلى المسجد الحرام | ||
الجعرانة : بكسر الجيم والعين موقع جغرافي بين الطائف ومكة، وهو إلى مكة أقرب وفي الأثر الشريف : "إنه بعد رجوع النبي (ص) من غزوة الطائف وصل إلى الجعرانة وكان يحبس بها غنائم قبيلة هوازن، فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة ليلة في انتظار وفد هوازن الذين جاؤوا تائبين، فلما أراد (ص) الانصراف إلى المدينة، خرج ليلا فأحرم بعمرة ودخل مكة فطاف وسعى ماشيا وحلق ورجع إلى الجعرانة من ليلته .... وقال أبو العباس القاضي : "أفضل العمرة لأهل مكة من الجعرانة لأن رسول الله (ص) اعتمر منها، وهي من مكة على بريد ... وهذا مذهب الأئمة الثلاث : الشافعي ومالك وابن حنبل. وقد ورد ذكر الجعرانة في الشعر العربي وكان من ذلك : فيا ليت في الجعرانة اليوم دارها فكنت أراها في الملبين ساعة ودارى ما بين الشئام فكبكب ببطن مني ترمي جمار المحصب! من هذا الموقع : الجعرانة حبب إلي هذه المرة أن أحرم اقتداء بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام حيث جعل رداءه مارا من تحت الإبط الأيمن أخذا بطرفه جاعلا إياه على الكتف الأيسر تاركا الكتف الأيمن عاريا، وهي العملية التي تحمل في مصطلح الفقهاء اسم : (الإضطباع) بتقديم الضاد على الطاء ... وهكذا فكما قمنا قبل خمسين سنة خلت بالعمرة من هذا المكان عدنا اليوم إليه استحضارا للذكرى وحرصا على المقارنات والمفارقات بين ما كانت عليه الأوضاع تلك والأوضاع هذه الأيام. لقد كنت في رحلتي الأولى التي عنونتها : "التحليق إلى البيت العتيق"، قمت بوصف دقيق لظروف رحلتنا التي تمت على متن الجو من المغرب إلى جدة 1378هـ 1959م عبر طرابلس، وكان الناس قبلها - كلنا يعلم – يقصدون مكة عن طريق البر أو البحر ... لم تكن هذه الرحلة الثانية مبرمجة في نشاطي خارج المغرب هذا العام لكن أمرها كان مطاعا عندي كالشأن في كل دعوة تأتي من تلك البقاع المقدسة التي أعتز بالارتباط بها ... لاسيما وهي سفرة ما أوجفت عليها من خيل ولا ركاب ! وكم كان الفرق شاسعا بين الأسطول الجوي بالأمس واليوم ! لقد كانت الطائرة (إير باص) تحتضن أزيد من خمسمائة نفر!! كل هؤلاء يقصدون هذه الليلة 17 رمضان 1428 (29 شتنبر 2007) المدينة المنورة دون توقف في طرابلس على نحو ما كان الشأن قبل خمسين سنة ! ووجدنا أنفسنا في مطار المدينة الفسيح الأنيق الرفيع الذي كان يعج بالطائرات من مختلف الأحجام بما فيها الطائرات الخاصة ! وكم كان الفرق بين أزقة المدينة التي عرفناها بالأمس وبين شوارعها اليوم!! بين فنادقها المتواضعة قبل وبين فنادقها الشامخة بعد، بين مساحة المسجد النبوي التي رأيناها قبل وبين مساحته الفسيحة الأرجاء اليوم ... الفرق بين معاناة الزوار بالأمس وبين الإماكانات المتوفرة اليوم للناس، كل الناس على اختلاف أطيافهم وشرائحهم الاجتماعية، والمناخ؟ والطقس؟ والجو؟ كل هذا أصبح أمرا متحكما فيه مهيمنا عليه ! فأجهزة التكييف بمختلف أشكالها منتشرة في كل الجهات، فيها المسموع وفيها الصامت! والماء موجود في كل منعرج ومنعطف بارده ودافئه! أما عن السراديب وما أدراك ما السراديب؟ سراديب تحت الأرض كانت السر الذي يقف إزاء مظاهر المنشئات العليا، صمودها نظيفة متألقة لامعة، تلك السراديب التي تشمل على دورات المياه التي تظل في خدمة الحجاج أناء الليل وأطراف النهار ... تظل في خدمة المترددين عليها رجالا ونساءا وأطفالا بما تتوفر عليه من أعداد كبيرة من الخدام والمساعدين والمساعدات. ولقد ظهرت اللوافت بمختلف اللغات لإرشاد الزوار، ولم يبق هناك مشكل بالنسبة للمسلمين الذين يتحدثون بالفرنسية أو بالإنجليزية أو بالأوردو – لقد أخذت العولمة هناك أيضا تفرض نفسها على الزائرين والزائرات، وهكذا فالحروف الأخرى قائمة إلى جانب الحرف العربي ... والمصاحف رهن إشارة القراء، بدون استثناء، وبأي لسان من الألسن المستعملة في الترجمة بالأمم المتحدة ... الحاج نفسه أو المعتمر لم يعد ذلك الزائر الذي كان يأتي بالأمس ... لقد تطور الناس واتسعت دائرة ثقافتهم وانفتحت صدروهم ووسائل تواصلهم، وتخففوا من الأعباء التي كانت تثقلهم بالأمس ... للسيارات مرائب تحت الأرض معروفة المساحة معلمة الساحة ... كنا بالأمس لا نتمكن من سماع الخطباء والأئمة ولا حتى من التعرف على وجوههم لكنا اليوم نرى الإمام ونسمع الخطيب عبر المذياع والتلفزيون ... وللحاجة المعتمرة والزائرة نفس الحقوق والواجبات في القراءة والإطلاع على كل ما يجري في الساحة ... تغيرت الأشياء ... وحتى فيما يتعلق بتواصل الناس على الساحة المحلية بل وعلى الساحة الدولية عبر إدارات البريد العادي والسريع، بل إن الناس أصبحوا يملكون أمر تواصلهم مع ذويهم خارج هذه البقاع دون رقابة ولا متابعة، وبيسر مدهش، وحتى من داخل المسجد النبوي وحتى في الروضة الشريفة بين المحراب والمنبر ... لم تعد هناك مقارنة بين الأمس واليوم ... ثم إن الوسائل متوفرة للوصول إلى معالم المدينة التي كانت مشاهد للرسول عليه الصلوات : مسجد قباء، مسجد الجمعة، مسجد الغمامة، مسجد القبلتين، جبل أحد، جبل ثور، جبل بني قريظة ... وادي الحليفة، البقيع، حديقة البيعة ، أبار علي ... كل هذه الأمكنة وغيرها أصبحت معروفة المعالم ... ولها وعليها تآليف أدلة مصورة تكشف عنها للأجيال الحاضرة... أما عن الالتحاق بمكة فكل الطرق توصل إلى مكة! علاوة على الطريق الجوي هناك الطريق السيار المزفت والمؤثث بالعدد الكثير من المحطات المزودة بمخازن تزودك بما تشتهيه ... مشروبات، متناولات، مسليات، صحف، مجلات، وكأنك تعبر طريقا من طرق أوروبا أو أمريكا ... سفر لا يحتاج لزاد كما يقولون! لقد فضلنا هذه المرة أن نلتحق بمكة عبر الطائرة التي لم تكد تحلق حتى أخذت تستعد للنزول في جدة ..! ظاهرة أخرى تثلج الصدور ... إن القوم درسوا أحوال العابرين من الحجاج والمعتمرين فوجدوا أن فيهم الضعيف والعاجز والمعذور والمعوق، فيسروا للناس طريق الصعود والنزول حتى لا يشعر أصحاب القلوب المريضة بما قد يلحقهم من إرهاق، ولا يشعر الزمنى بأنهم معوقون فعلا، ويسألون عن درجة إعاقتك فيهيئون لك ما يناسبك من وسائل الراحة وكأنك جالس في بيتك وعلى فراشك! إنما عليك أن تتفقد جيبك وتكون كريما مع الذين يخدمونك و(الزيت في العجين لا يضيع) كما يذكر المثل العربي! وفي المسجد الحرام بمكة، وبالرغم من هذه الحشود التي تجاوزت هذا العام عدد المليونين، كان الإنسان، أي إنسان، يشعر بأنه يستطيع أن يجد له موضع قدم في هذا الخضم من البشر، أن يجد من يتنافس على إفطاره وإطعامه ابتغاء مرضاة الله! وقد فضلت، كما أشرت في البداية، أن أنطلق في عمرتي مما انطلق منه السابقون ... (الجعرانة) وهكذا أخذنا معنا السيد أبا وليد الذي سألنا في البداية عن موقع الجعرانة الذي أحرم منه الرسول؟ ولم لا ننطلق من "التنعيم" الذي أحرمت منه زوجته السيدة عائشة ...؟ معظم الذين سمعوا (الجعرانة) سألوا عن السر في اختيارها بالذات ... ووصلناها بعد نحو من خمسة وعشرين كيلومترا حيث أخذنا لنا "دوشا" في المكان المخصص لذلك، ثم قصدنا المسجد الذي دخله الرسول عليه الصلوات ... لقد كان المسجد الذي عرفناه بالأمس عاطلا تقريبا، لكنا وجدناه اليوم مزودا بالكهرباء ومكبر للصوت، ويحتوي على مكتبة تحتضن العدد الكافي من المصاحف إضافة إلى بعض المؤلفات التي تعالج الشؤون الدينية : صوم رمضان، ختم القرآن، يشعر المرء هنا شعورا جيدا بروحانية الزمان والمكان ... ولم يكن غريبا علي أن أجد هنا عددا من الذين وردوا لعين المسجد : مسجد الجعرانة الذي يقع بين أكام تحيط بالموقع ... صادفنا هنا معتمرين من إندونيسيا ... وآخرين من الباكستان، إسلام أباد، من تاجيكستان، ومن بغداد، الكرخ ... كل الذين تحدثت إليهم من هؤلاء الواردين كانوا يرجعون إلى ذاكرتهم عن اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الموقع. وعندما أخذنا طريق العودة إلى مكة انتصبت لافتة أمامنا تقول : للمسلمين فقط ... وبجانبها الإنجليزية ما ترجمته بداية حدود الحرم (Begining of haram Boundary). لقد تذكرت هنا وساطة كانت طلبت مني منذ يبراير عام 1987، أي قبل عشرين سنة وساطة طلب إلي أن أقوم بها بين الملتقى الدولي حول (وحدة الديانات السماوية) المنعقد في قرطبة وبين سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز، طلبت مني هذه الوساطة التي تهدف إلى السماح بإقامة كنيسة للمسيحيين بجدة! وقد ربطت بين تلك الوساطة قبل عشرين سنة، بما قرأناه هذه الأيام بمناسبة زيارة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز للفاتيكان في بداية نونبر 2007، بما قرأنا عن رغبة البابا في فتح أبواب مكة لغير المسلمين!! أعود للقول، ونحن نقوم بمناسك العمرة هذا العام (1428=2007)، شعرت بتحول كبير وأنا أمارس واجباتي في هذه البقاع ... رحاب مكة بداية، علي أن أذكر أن المعوق اليوم أمسى غير معوق، فالعربات المتحركة أصبحت منتشرة في كل زاوية، وأصبح من المعتاد أن نرى منظمة الوقف توفر العربات لكل راغب، وهكذا فإن المسافة التي كان على المعتمر أو الحاج أن يقطعها وهو يطوف بالكعبة المشرفة، هذه المسافة غدا من الممكن أن يقطعها المعتمر وهو راكب على عربة يجرها آخر ... بل أصبح من الممكن وقد تنوعت أشكال العربات أن يسوق العاجز عربته بنفسه بواسطة بطاريات تتجدد ...! وما قلناه عن الطواف نقوله عن السعي بين الصفا والمروة ... وهكذا أمسى من الممكن أن نرى العاجزين وفي استطاعتهم أن يركبوا تلك العربات ليقوموا بجولات مريحة بين الصفا والمروة، لقد غاب "الشقذف" و"المحمل" الذي كنا نعرفه بالأمس، "ذهب إلى غير رجعة"... وقضت الحاجة وبلغ الاجتهاد إلى أن خلق من المطاف الواحد عدة مطافات، وخلق من المسعى الواحد عدة مساعي، وقد وظفت الكهرباء لخدمة الحجاج والمعتمرين وأمسى العاجز يستعين بالمصاعد الكهربائية لتنقله حيث يشاء، إلى السراديب، إلى السطوح ... وقبل هذا وبعد هذا ... الحفاظ التام على أمنك وراحتك وكرامتك لتؤدي مناسكك وأنت شاعر بالطمأنينة التي هي الشرط الأساسي في الدخول إلى العبادات : " فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة" ... هنا رجل الأمن المتخصص في متابعة أصحاب السوابق الذين ينشلون المعتمرين والمصلين ويستخدمون الأمواس والمقصات من الذين تفضحهم البصمات والقسمات. لكن مما يثير الانتباه مما لم نكن نعرفه في عمرتنا الأولى قبل خمسين سنة أن في استطاعة الحاج والمعتمر أن يتصل بسائر جهات العالم عن طريق الهاتف المحمول ... وهكذا فمن المعتاد أن نرى الطائفين والساعين يتناولون أطراف الحديث مع مختلف أطراف الدنيا ... وقد طلب إلي شقيقي ورفيقي الطبيب عبد الحكم عن الرأي في مثل هذا الحديث مع الآخرين أثناء الطواف والسعي. ورجعت بي الذاكرة إلى أقوال الفقهاء الذين كانوا يقولون : إن الطواف بمثابة الصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ... وحيث إن الكلام مباح في الطواف بمكة، فإن هذا يعني أن الكلام مباح حتى مع الذين يوجدون في قارة أخرى!! وهناك ظاهرة أخرى لم تكن متيسرة لدينا بالأمس، تلك أخذ الصور للحاج أو المعتمر ... إن تلك الهواتف المتحركة تتوفر ذاتها على جهاز للتصوير وعلى جهاز كذلك لتسجيل الأصوات التي تجري على اللسان ... حتى ماء زمزم الذي كان بالأمس محل صراع وتدافع وأخذ طابور، أمسى اليوم نتيجة للعلم والمعرفة أضحى لسبب أو آخر متوفرا للناس في كل منعرج ومنعطف وفي قنينات مرتبة لم يعد هناك مستحيل على المشرفين على التخطيط للمستقبل، حتى جبال مكة أخذت تعرف الخضوع للتطويع والتركيع ... جبل عمر وهو يجاور المسجد الحرام من الباب الخلفي لدار التوحيد، أمسى اليوم بمقتضى توسعة الملك بن عبد العزيز يخضع لمقتضيات تفرضها المصلحة العامة ... وهناك عنصر حضاري أخر جديد أخذ ينتشر على الساحة ... حرية النقد والمتابعة في استطاعتك أن تقول : إن مكبرات الصوت في المساجد أضعفت الخشوع، ومست الطمأنينة! وأن صلاة التهجد في المسجد لا أصل لها في الشرع! في استطاعتك أن تقترح إنشاء حضانات للأطفال بجوار الحرم المكي ...! حرية القول لمن عنده ما يقول مما يمكن أن يقال !! أكثر من هذا أن في استطاعتك أن تراجع وفي أي وقت الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام، والمسجد النبوي لتلقي سؤالك من أي حجم ومن أي نوع فستجد من يحاورك في انفتاح وتفتح وتقبل لما تلقيه من فكر ... وبأي لغة شئت، وفي استطاعتك أن تقرأ أن وضع الأمة ما يزال غثاء كغثاء السيل !! ... وبعد أن أتممت العمرة تفقدت مذكراتي التي كنت سجلت فيها ما أريد أن أقضيه في هذه العمرة ... وكان في صدر ذلك تلك المقيدات أن أسلم على سيد تربطني به وشائج ترجع لعهود خلت عندما كنت أبحث عمن يكمل معلوماتي حول الهواية الحضارية العربية المعروفة في التاريخ القديم : (القنص بالصقر) ... وهكذا فهناك في قصر الصفا بمكة المكرمة وصلت الرحم مع خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي له ببلادنا بصمات تعرفها جيدا الزائرات والزائرون لمؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء ويعرفها الطلبة المترددون على جامعة الأخوين! وعلى ذكر المؤسسة السعودية بالمغرب أذكر أنني تفقدت بعض المكتبات التي كان لي معها تاريخ هنا وخاصة منها المكتبة التي توجد جوار باب السلام الذي كان بدوره بمثابة أكاديمية لمكة تجتمع حولها وفيها معظم مكتبات مكة . وقد استجبت لدعوة كريمة من زميلي العلامة الكبير عبد الملك ابن دهيش لزيارة مكتبته العظيمة التي تقع في حي العزيزية بضواحي مكة المكرمة. لقد أثقل هذا السيد الجليل حقائبي بمؤلفاته العديدة المفيدة من التي حررها بيراعته أو التي أشرف على إخراجها أو حققها من أمثال : أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، تصنيف الإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق ابن العباس الفاكهي المكي من علماء القرن الثالث الهجري دراسة وتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ستة أجزاء. وأمثال الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به، دراسة تاريخية وميدانية، وهو البحث الذي قدمه الشيخ عبد الملك ابن دهيش لنيل درجة الدكتوراه. بيت ابن دهيش كله إخوة وأبناء بمن فيهم اخو الشيخ الأستاذ الدكتور عبد اللطيف الذي كان لي نعم المساعد على الوصول إلى هذا الملاذ ... لم أشعر فيه بالوقت كيف يمر. لقد كان اليوم يصادف ثاني عيد الفطر هناك بينما يمثل عندنا بالمغرب أخر يوم من رمضان، وبطبيعة الحال ألقى السؤال الآزلي كيف يحصل هذا الخلاف؟ وذكرت هنا الصهر العلامة الفلكي محمد ابن عبد الرازق صاحب (العذب الزلال) ... وقد قرأت هنا عن خبر صدر يومه في جريدة الرياض (14 أكتوبر 2007) يتحدث عن (باكستان تحتفل بعيد الفطر ثلاث مرات) نظرا لاختلاف المطالع هنا وهناك ... وقد اجتمعت في نادي الشيخ ابن دهيش بعدد من أعيان مكة من الذين وردوا للسلام على هذا الشيخ الفذ، كان على رأس أولئك معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى وآخرون وردوا قبل أن يؤدي الجميع صلاة الظهر ويتقدموا إلى الموائد والفوائد. كل ركن في مكة كان يغري بالزيارة، إن مكة تكون متحفا يذكرك بتاريخ عبق من تاريخ ماضيك مما ألف عنه أسلافك وأجدادك ... ومما أعدت له الجهات المختصة اليوم عشرات النشرات والتآليف تسهيلا على المعتمرين والحجاج ... وخاصة من هذه الوثائق ما كتبه آل ابن دهيش وما حرره الدكتور خالد محمد حامد مما زود بالصور والرسوم والخرائط الملونة من التي لا غنى للحاج والمعتمر عنها ... وهنا في تأليف الأستاذ حامد سنقف على مسجد نمرة وجبل الرحمة ومسجد الصخيرات ومزدلفة ومسجد المشعر الحرام ووادي محسر، ومنى، ومسجد الخيف، وجمرة العقبة الكبرى والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى ... هذا إلى الجبال المحيطة بمكة من أمثال جبل حراء وجبل ثور، وغار ثور، وجبل أبي قبيس، وجبل قيقعان وجبل ثبير، وجبل أجياد وجبل الصفا ... ونظرا للكثرة المتزايدة أضحى من القضايا التي تفرض التفكير فيها قضية توسيع فضاء الحرم، بمعنى أن تعتبر المساجد الأخرى على أنها جزء من ذلك الفضاء ... ما دامت مساجد الحرم تتناول ما جاور أيضا. ونحن نعرف عن المساجد التي تحتضنها مكة في كل جهة من جهاتها مما تؤدى فيه صلاة الجمعة أمثال مسجد الراية ومسجد خالد بن الوليد ومسجد حمزة بن عبد المطلب ومسجد التنعيم والذي أحرمت منه السيدة عائشة ومسجد الجعرانة سالف الذكر، ومسجد الحديبية ومسجد البيعة ومسجد الجن ومسجد الشجرة ومسجد الإجابة ومسجد أبي بكر الصديق ومسجد الفتح. ويتحدث المؤرخون بمكة عن مكان المولد النبوي كمعلمة من المعالم التي تستحق الزيارة وعن المحصب وعن وادي طوى، ومقبرة المعلا ووادي سرف .... وبعد، فقد قصدت أن أثير الانتباه إلى الجعرانة : هذه المعلمة التاريخية الكبيرة التي يكاد اسمها يغيب عمن يقصدون مكة اليوم لأداء مناسك الحج والعمرة ... وإني لأرجو من خلال هذه الإشارة، أن يهتم الزائرون والزائرات بهذا الموقع الجغرافي الذي نسميه الجعرانة، والذي كان له ذكر عطر في بداية التاريخ الإسلامي على ما عرفناه والذي ظل بالنسبة لرجال العلم المنطلق المفضل لبداية عمراتهم الميمونة البارة... | ||